بدأ العمل فى بناء سور الصين العظيم منذ فجر التاريخ قبل الميلاد واستمر العمل عليه حتى القرن العشرين وشاركت العديد من الإمبراطوريات والسلالات الصينية فى بناء السور وتم ذلك على مدى ١٩٠٠ عام هى مدة بناء الجدار الحجري.
ما هى المدة التى احتاجها الصينيون لبناء سور الصين؟ وكم إمبراطور شارك فيها؟
على مدار تاريخ الصين من قبل الميلاد وحتى قيام جمهورية الصين الشعبية، كانت هناك عدة إمبراطوريات حكمت الصين يمثلها سلالة ما وكان لكل سلالة دورها وبصمتها التى تركتها فى بناء سور الصين العظيم.
ونظرا لأهمية سور الصين العظيم بالنسبة للشعب الصيني فى حمايتهم من الأعداء وكذلك فى التجارة والإقتصاد فقد شاركت العديد من السلالات الصينية التى حكمت الصين فى مراحل بناء السور على مدى قرون طويلة، تصل إلى عشرون قرنا من الزمان.
وفى تلك المقالة نسلط الضوء على تلك الإمبراطوريات والسلالات التى قامت ببناء السور وكذلك نشير إلى أهمية سور الصين من حيث الدفاع والتجارة والسياحة والإقتصاد.
وفى تلك المقالة نسلط الضوء على تلك الإمبراطوريات والسلالات التى قامت ببناء السور وكذلك نشير إلى أهمية سور الصين من حيث الدفاع والتجارة والسياحة والإقتصاد.
السلالات التى شاركت فى بناء السور
شاركت العديد من السلالات الصينية فى بناء سور الصين على مدار التاريخ وهنا نسلط الضوء على أهم السلالات والإمبراطوريات الصينية التى قامت ببناء السور:
السُّلالات المتحاربة:- كانت الصين فى القرْن السَّابع قَبْل الميلاد ٢٢١ قَ.م، مُقَسمَة إِلى عِدَّة مَمالِك مُتحاربة . كُلُّ مَمْلَكة كَانَت تبنِّي جُدْران دِفاعِيَّة لِحماية نفْسهَا مِن هَجَمات الممالك اَلأُخرى. وكَانَت هَذِه الجدْران تُعتَبَر بِداية لِسور الصِّين اَلعظِيم ، وَلَكنهَا كَانَت مُنفصلَة وغيْر مُوَحدَة .
- مع بداية عَهْد الإمْبراطور تِشَين شِي هُوَانغ ٢٢١ - ٢٠٦ قَ.م وبَعْد تَوحِيد الصِّين ، أَمْر الإمْبراطور تِشَين شِي هُوَانغ بِرَبط الجدْران المنْفصلة اَلتِي بُنيَت فِي عَهْد السُّلالات المتحاربة ، لحماية إمبراطوريته من الغزوات الشمالية البدويَّة مِثْل قَبائِل اَلهُون .
- أَمْر بِبناء أَوَّل أَجزَاء مُتصلَة مِن السُّور ، حَيْث قام بِتوْصِيل الجدْران والتَّحْصينات بِبعْضِهَا البعْض لِلدِّفَاع عن بِلاده وكان هذَا العمل الأوَّل لِتوْحِيد أَجزَاء مِن السُّور ويمثِّل بِداية بِنَاء السُّور اَلمُتصل.
- على الرَّغْم مِن أنَّ أَجزَاء مِن السُّور كَانَت قد بُنيَت قَبْل عَهْد تِشَين شِي هُوَانغ، وأن البنَاء لَم يَكُن قد اِكتمَل فِي عَهدِه ، إِلَّا أنَّ جُهُودَه كَانَت أساسًا لِلسُّور المسْتقْبليِّ ، وكَانَت الأبْرز فِي تَوحِيد هَذِه الجدْران وتقْويتهَا ، مِمَّا أَسَّس الأسَاس لِلسُّور اَلعظِيم اَلذِي نعْرفه اليوْم
- خِلَال حُكْم أُسرَة هان ٢٠٦ ق.م -٢٢٠ م ، تَوسعَت الصِّين بِاتِّجَاه الغرْب وشملتْ الأراضي الواقعة على طُول طريق اَلحرِير وتم بناء أَجزَاء جَدِيدَة مِن السُّور فِي هَذِه المناطق لِحماية طُرُق التِّجارة وَتأمِين اَلحُدود .
- خلال فترة حكم سُلَالتِي سويًّا وتْشانْغ ٥٨١-٩٠٧م ، قَامَت سُلَالَة سَوِيا وسلالة تانْغ بِبَعض الإصْلاحات والتَّوسُّعات المحْدودة لِلسُّور . كَانَت الأوْلويَّة فِي هَذِه الفترات لِلْمشاريع العسْكريَّة اَلأُخرى .
- شهدت فَترَة سُلَالتِي لِيَاو وجين ٩٠٧ -١٢٣٤م بِنَاء بَعْض الأجْزاء الجديدة مِن السُّور وَتعزِيز الهياكل القائمة ، وخاصة فِي المناطق الشَّماليَّة لِمواجهة تهْديدات البدْو والْمغول.
- فِي عَهْد أُسرَة يُوَان ١٢٧١ - ١٣٦٨ م، اَلتِي كَانَت بِقيادة المغول ، تَوقُّف العمل تقْريبًا على السُّور ، إِذ إِنَّ المغول سيْطروا على المناطق الشَّماليَّة ولم يروْا حَاجَة لِتحْصينات إِضافِيَّة .
- فِي مُدَّة أُسرَة مِينْغ ١٣٦٨ -١٦٤٤ م، كَانَت هَذِه اَلمُدة الأهمِّ فِي تَارِيخ السُّور حَيْث تُم إِعادة بِنَاء مُعظَم الأجْزاء الموْجودة حاليًّا ، واسْتخْدم الطُّوب والْحَجْر بديلا عن اَلْمَواد الأقلِّ جودة لتحسين الأجزاء القديمة وإنشاء أجزاء جديدة ، وتمَّ تَوسِيع السُّور بِشَكل كبير لِيَصل إِلى شَكلِه الحاليِّ ، مع إِنشَاء أَبرَاج المراقبة والْحصون المتقدِّمة .
- ومن أهم الحكام في هذه الفترة والذين ينتمون لأسرة مينغ والذين كان لهم دور بارز فى استكمال بناء السور، هم الإمبراطور هونغ وو والإمبراطور يونغ لي.
- فِي عَهْد أُسرَة تِشينْغ ١٦٤٤ - ١٩١٢م اِتسمَت تِلْك اَلمُدة بِإهْمَال وتدهْور السُّور ، فلم يَكُن هُنَاك ترْكيزًا كبيرًا على صِيانَته أو توْسيعه ، حَيْث تَغيرَت اِسْتراتيجيَّات الدِّفَاع وتهْديدات اَلحُدود ، لَكِن على الرَّغْم مِن ذَلِك ظِلُّ سُور الصِّين قائماً.
- خَاصَّة بَعْد تَأسِيس جُمْهوريَّة الصِّين الشَّعْبيَّة فِي عام ١٩٤٩ م، بَدأَت جُهُود تَرمِيم السُّور والْحفاظ عليْه ، وتمَّ الاعْتراف بِالسُّور كَموقِع لِلتُّرَاث العالميِّ مِن قَبْل اليونسْكو فِي عام ١٩٨٧، مِمَّا عَزَّز اَلجُهود الدَّوْليَّة لِحمايته وَترمِيم الأجْزاء المتضرِّرة مِنْه .
أَهَميَّة ودور سُور الصِّين العظيم للصينيين
يعد سور الصين العظيم معلما مهما لشعب الصين لأنهم قدموا لبنائه قرون من أعمارهم، وقد تم بناء السور بغرض الحماية والدفاع، وفى النقاط التالية نسرد دور سور الصين فى الدفاع والحماية وأهميته التجارية والإقتصادية للشعب الصيني:- سَاعَد السُّور فِي تَوفِير حِماية كَبِيرَة ضِدَّ الغزوات البدويَّة مِن الشَّمَال ، وَخَاصَّة مِن قَبائِل المغول والْهَوْن .
- أَعَاق السُّور بِشَكل كبير الهجمات المباشرة وأسْهم فِي تَأخِير الغزوات مِمَّا أَعطَى الصِّين وقْتًا كافيًا لِلاسْتعْداد والرَّدِّ . فمثلاً فِي مُدَّة حُكْم أُسرَة مِينْغ ١٣٦٨- ١٦٤٤م ، لَعِب السُّور دوْرًا حاسمًا فِي صدِّ الهجمات البدويَّة مِن الشَّمَال . وايضاً فِي عام ١٤٤٩م ، تَمكنَت اَلقُوات الصِّينيَّة مِن تَأخِير تَقدُّم جَيْش المغول بِقيادة اَلأمِير إِسمايل بِسَبب التَّحْصينات اَلقوِية لِلسُّور ، مِمَّا أَعطَى الصِّين وقْتًا كافيًا لِتجْهِيز قُوَّاتِهَا والدِّفاع عن العاصمة بِكِّين .
- كان السُّور مُجَهزا بِأبْرَاج مُرَاقبَة وَحصُون مِمَّا سَهَّل الاتِّصال اَلسرِيع بَيْن النِّقَاط المخْتلفة والتَّحْذير اَلمُبكر مِن الهجمات ،وقد سَاعَد ذلك فِي سرعة الرد العسْكري، وكانت أَبرَاج المراقبة مُوَزعَة على طُول السُّور بِمسافات تَتَراوَح بَيْن مِئَات الأمْتار إِلى عِدَّة كِيلومتْرات ، وقد اِسْتخْدمتْ لِإشْعَال النِّيران وإرْسَال الدُّخَّان كإشارات لِلتَّحْذير مِن الهجمات .
- خِلَال الغزوات المغوليَّة فِي القرْن السَّادس عشر ، اِسْتخْدمتْ هَذِه الأبْرا العسكري بِفعَّاليَّة لِتحْذِير اَلحُصون الدَّاخليَّة وَتنظِيم الدِّفاعات.
- السُّور سَاعَد أيْضًا فِي السَّيْطرة على الهجْرة والتَّحكُّم فِي التِّجارة عَبْر اَلحُدود ، مِمَّا سَاعَد فِي الحفَاظ على اِسْتقْرار اِقْتصاديٍّ واجْتماعيٍّ دَاخِل الإمْبراطوريَّة الصِّينيَّة، وقد ظهر ذلك بوضوح أكثر خِلَال عَهْد أُسرَة مِينْغ ، فإلى جانب الدور الدفاعي الذي يقوم به السور فقد عمل السور أيضا كوسيلة تجارية لنقل البضائع وسفر التجار وتحكم فى هجرة الأفراد للتجارة.
- كانت البوابات التى يتضمنها السور تمثل نقاط عبور للسلع والتجار والمهاجرين وبالطبع كانت هناك إجراءات من التفتيش على تلك البوابات حتى يسيطروا على مرور المواد والسلع التجارية بحرص ويتأكدوا من عدم دخول أفراد غير مرغوب فيهم، ومن أهم البوابات التى كانت تخضع لتلك المعاملة الحربية هى بوابة جِيونْغوان والتى كَانَت وَاحِدة مِن أهمِّ الممرَّات فِي السُّور وكانتْ تَستخْدِم لِلتَّحَكُّم فِي حَركَة التِّجارة عَبْر طريق اَلحرِير .
- فى القرن العشرين أصبح سور الصين العظيم معلما سياحيا هاما ومحط أنظار السائحين من مختلف البلدان حول العالم وكان لذلك أهميته فى تنشيط السياحة فى الصين وتحقيق النمو الإقتصادي نتيجة لجلب العملات الصعبة عن طريق السياحة.
- يَتضِح من ذلك أنَّ سُور الصِّين اَلعظِيم لَم تقتصر أهميته فقط كمدا دفاعي ضد الأعداء بل نجده قد تخطى مسألة حماية الوطن إلى حدود السيطرة على طرق التجارة وبناء الإمبراطورية الصينية المترامية الأطراف وتوسيع شبكة علاقاتها التجارية والإقتصادية.
من فضلك اكتب تعليق عن الموضوع