حركة الترجمة من اليونانية إلى العربية وأثرها على فلاسفة المسلمين
بدأت حركة ترجمة الكتب اليونانية إلى العربية فى عهد الخلافة الأموية لكنها كانت بداية ضعيفة، ثم تطورت وأصبحت ذات زخم فى عهد الدولة العباسية.
وكان لحركة الترجمة فوائد عظيمة فى الإطلاع على الفكر اليوناني وتكوين الفلسفة الإسلامية، واختلاط الثقافة العربية باليونانية.
فكيف كانت بداية الترجمة، وكيف تطورت الترجمة وازدهرت، وكيف كان التأثير، كل ذلك نقدمه لك فى تلك المقالة.
اختار المأمون لبيت الحكمة الرؤساء والمترجمين الذين يجيدون اللغات اليونانية والفارسية والهندية حتى يتمكنوا من ترجمة كل الكتب بهذه اللغات ونقلها للغة العربية وبذلك احتوى بيت الحكمة فى بغداد على صنوف شتى من الكتب المترجمة عن لغات مختلفة.
كان الخليفة المأمون يرسل البعثات الخارجية إلى القسطنطينية لكي يأتوا له بكل فريد ونادر من المصنفات والكتب الفلسفية والهندسية والطبية اليونانية وغيرها.
وكان المأمون يفرض على البلاد التي يقوم بفتحها أن يحملوا له الكتب كبديل عن فرض الضرائب عليهم، ومثال ذلك عندما انتصر المأمون على الروم عام ٢١٥ هجرية طلب منهم أن يعطوه الكتب الفلسفية اليونانية التى ألقوا بها فى السراديب بعد أن اعتنقوا المسيحية.
و يقول ابن النديم أن المأمون لم يول إهتمامه لترجمة كتب الفلسفة اليونانية إلا بعد رؤية في منامه لارسطاليس جاء فيها أن الخليفة يسأله وارسطاطليس يجيب و عندما استيقظ من منامه سأل عن مَن يكون ارسطاليس فقالوا له أنه حكيم من اليونان فاستدعى المأمون حنين بن اسحاق وأعطى له الأمر بترجمة كل كتب حكماء اليونان الى العربية
وتقول المصادر انه ما إن جاء عام ٩٠٠ م إلا وقد تم ترجمة كل العلوم والمعارف والكتب من اليونانية إلى العربية، وبذلك استطاع علماء العرب والمسلمين الاطلاع على كل المدارس الفلسفية اليونانية.
وبذلك نجد ان حركة الترجمة قد شملت لغات متنوعة واحتوت علوما شتى بحيث لا نجد ميدانا او علما إلا و حظي باهتمام المترجمين وعن طريق تلك الترجمات تمكن فلاسفه العرب والمسلمين من التعرف على ما خطه فلاسفه اليونان وغيرهم من الكتب فى مختلف العلوم سواء كتب فلسفيه ورياضيه وطبيعية حتى الفنون.
وكان الخلفاء وخاصة فى عصر إزدهار حركة الترجمة، كانوا يغدقون على المترجمين من الأموال والهدايا والعطايا الثمينة ويثنون عليهم باستمرار ويقربوهم من مجالسهم الخاصة حتى يجتهدوا فى عملية الترجمة ويعد هذا من أهم عوامل إزدهار الترجمة حتى تم للخلفاء ما ارادوا من نقل كل علوم وفلسفات حضارة اليونان القديمة.
ومن أشهر هؤلاء المترجمين:
يوحنا أو يحيى البطريق وعبد المسيح ابن ناعمة الحمصي و قسطا بن لوقا البعلبكي وحنين بن اسحاق واسحاق بن حنين وحبش بن الحسن وأبو بشر متى بن يونس وأبو زكريا يحيى بن عدي المنطقي وأبو علي عيسى بن اسحاق بن زرعة.
إلا أن المصادر تشير إلى أن حنين ابن إسحق هو الأشهر من بين هؤلاء المترجمين على الإطلاق، وفى حين اقتصر عمل هؤلاء المترجمين على عملية النقل والترجمة فقط، نجد أن القليل منهم قد قام بتأليف بعض النصوص القصيرة الخاصة به مثل قسطا بن لوقا وضع رسالة قصيرة فى الفرق بين النفس والعقل.
ونتيجة لهذا الإطلاع نجد أن الفلاسفة المسلمين مثل الفارابي وابن سينا وابن رشد قد تاثرت آراءهم الفلسفية والفكرية بالفلسفة والفكر اليوناني والمنطق اليوناني وقد جاء ذلك باعترافهم.
تعرف فلاسفة المسلمين على آراء وفلسفة الطبيعيين الأوائل أو ما نطلق عليه المدرسة الأيونية، كما تبحروا فى المدرسة الفلسفية الإيلية وعرفوا آراء وفكر فلاسفتها، وكذلك آراء الفيثاغوريين وفلاسفة السوفسطائيين والفيلسوف سقراط وافلاطون الذى أطلقوا عليه الشيخ اليوناني أو الفيلسوف الإلهى.
إهتم الفيلسوف ابن رشد بفلسفة أرسطو ووضع لها الشروح العظيمة حتى أطلق عليه الغرب فى أوروبا الشارح الكبير، ونتيجة لتعمقه وتأثره بفلسفة أرسطو قام بوضع كتاب تهافت التهافت ينتقد فيه كتاب تهافت الفلاسفة للغزالى، وكان لتلك المناظرة أهمية كبرى فى الفكر الفلسفي العربي والإسلامي.
وكان لحركة الترجمة فوائد عظيمة فى الإطلاع على الفكر اليوناني وتكوين الفلسفة الإسلامية، واختلاط الثقافة العربية باليونانية.
فكيف كانت بداية الترجمة، وكيف تطورت الترجمة وازدهرت، وكيف كان التأثير، كل ذلك نقدمه لك فى تلك المقالة.
حركة الترجمة فى العصر الأموي
- بدأت حركه الترجمة من اليونانية إلى العربية في أيامها الأولى في عهد الخلافة الأموية فى أواخر القرن السابع الميلادي حيث يروى عن الأمير الأموي خالد ابن يزيد ابن معاوية أنه أول من أمر بترجمة كتب الصنعة أو ما يطلق عليها الكيمياء من اليونانية الى اللغة العربية وفى عهده تم ترجمة كتاب أحكام النجوم للحكيم هرمس وكان هذا أول نقل في الاسلام من لغة إلى لغة أخرى وفي ذلك يكون ابن النديم:
- كان خالد ابن يزيد ابن معاوية يسمى حكيم آل مروان وكان فاضلا في نفسه وله همة ومحبة للعلوم خطر بباله الصنعة وهو علم الكيمياء فأمر بإحضار جماعة من فلاسفة اليونانيين ممن كان ينزل مصر وقد تفصح بالعربية وأمرهم بنقل الكتب في الصنعة من اللسان اليوناني والقبطي الى اللسان العربي.
- وفي العصر الاموي تقول كتب التاريخ أن الخليفه عمر بن عبد العزيز أبدى رغبته فى ترجمة الكتب الأعجمية فأمر أحد الأطباء اليهود من البصرة أن يترجم أول كتاب فى الطب الذى ألفه أهرون، وكان يعقوب الرهاوي أشهر المترجمين فى ذلك الوقت.
إزدهار حركة الترجمة فى عصر الخلافة العباسية
حركة الترجمة فى العصر العباسي تميز بأنه عصر الترجمة الحقيقية من كتب اليونانيين للغة العربية، حيث تمت فيه الترجمة بصورة منظمة وتوسعت فيه حركة الترجمة وانتشرت بطريقة مذهلة وشملت ترجمة كافة العلوم والمعارف اليونانية في علوم الطبيعة والمنطق وغيرها من العلوم والفلسفات.حركة الترجمة فى عهد الخليفة المنصور
- اهتم الخليفة العباسي الثاني جعفر المنصور بالترجمة كثيرا فهو يعد أول خليفة ترجمت له الكتب من اللغة اليونانية الى اللغة العربية ومنها كتاب كليلة ودمنة وترجمت له كتب أرسطو فى علم المنطق وغيرها كما ترجمت كتب بطليموس وكل الكتب اليونانية القديمة وكذلك اهتم بترجمة الكتب من اللغة الفارسية والسريانية الى اللغة العربية.
- كما أنشأ الخليفة المنصور مدينة بغداد لتكون هى عاصمة الخلافة العباسية بدلا من دمشق وعمل على تحويلها تدريجيا إلى أهم مركز ثقافيا في البلاد الإسلامية كافة فأولى اهتمامه بالترجمة وعمل على إيفاد العلماء والأطباء من أشهر جامعة فى ذلك الوقت وهى جامعة جنديسابور الفارسية التى أنشأها الملك شابور الثاني.
- وهولاء العلماء والفلاسفة قد درسوا الفلسفة اليونانية فى أكاديمية أثينا ولكن تم اضطهادهم من الإمبراطور البيزنطي جستيان الأول الذى أغلق الأكاديمية عام ٥٢٩م فاضطروا للهرب إلى بلاد فارس وهناك قاموا بتدريس الفلسفة اليونانية فى مدرسة جنديسابو.
- وعندما فتح العرب الإمبراطورية الفارسية وكانت لغة أهلها هى الساسانية، حافظ العرب على الجامعة وأمروا علماؤها بترجمة كل كتب والفكر اليوناني اللغة العربية، وبذلك أصبحت تلك الجامعة هى نقطة الإتصال بين الفلسفة اليونانية والفلسفة الإسلامية.
- عندما قام المسلمون بفتح بيزنطة طلب الخليفة أبو جعفر المنصور من أمرائها أن يعطوه ما عندهم من مخطوطات وكتب يونانية، فتم له ما أمر به، وأوصى المترجمين بترجمتها للغة العربية وبذلك انفتح العرب المسلمون على العديد من الثقافات وخاصة الفكر الفلسفي اليوناني الذى كان له بالغ الأثر فى تطور الفكر الفلسفي العربي والإسلامي.
حركة الترجمة فى عهد الخليفة المأمون
اهتم الخليفة العباسي المأمون بن هارون الرشيد اهتماما بالغا بالكتب والترجمة وفي عهده توسعت حركة الترجمة للكتب اليونانية إلى العربية وانتشرت انتشار عظيما، حيث أنشأ بيت الحكمة ببغداد والذي كان يشبه في ذلك الوقت مكتبة الإسكندرية.اختار المأمون لبيت الحكمة الرؤساء والمترجمين الذين يجيدون اللغات اليونانية والفارسية والهندية حتى يتمكنوا من ترجمة كل الكتب بهذه اللغات ونقلها للغة العربية وبذلك احتوى بيت الحكمة فى بغداد على صنوف شتى من الكتب المترجمة عن لغات مختلفة.
كان الخليفة المأمون يرسل البعثات الخارجية إلى القسطنطينية لكي يأتوا له بكل فريد ونادر من المصنفات والكتب الفلسفية والهندسية والطبية اليونانية وغيرها.
وكان المأمون يفرض على البلاد التي يقوم بفتحها أن يحملوا له الكتب كبديل عن فرض الضرائب عليهم، ومثال ذلك عندما انتصر المأمون على الروم عام ٢١٥ هجرية طلب منهم أن يعطوه الكتب الفلسفية اليونانية التى ألقوا بها فى السراديب بعد أن اعتنقوا المسيحية.
و يقول ابن النديم أن المأمون لم يول إهتمامه لترجمة كتب الفلسفة اليونانية إلا بعد رؤية في منامه لارسطاليس جاء فيها أن الخليفة يسأله وارسطاطليس يجيب و عندما استيقظ من منامه سأل عن مَن يكون ارسطاليس فقالوا له أنه حكيم من اليونان فاستدعى المأمون حنين بن اسحاق وأعطى له الأمر بترجمة كل كتب حكماء اليونان الى العربية
إزدهار الترجمة فى القرن التاسع والعاشر الميلادي
كانت حركة الترجمة من اليونانية إلى العربية فى النصف الثاني من القرن الثامن تتم من اللغة اليونانية إلى السريانية ثم العربية أما في القرنين التاسع والعاشر الميلادي ازدهرت حركه الترجمه وتطورت عملية النقل من اليونانية إلى العربية مباشرة وبذلك بلغت كامل أوجها ونشاطها وتم نقل معظم التراث اليوناني في الفلسفه والطب والفلك والرياضة والطبيعة.وتقول المصادر انه ما إن جاء عام ٩٠٠ م إلا وقد تم ترجمة كل العلوم والمعارف والكتب من اليونانية إلى العربية، وبذلك استطاع علماء العرب والمسلمين الاطلاع على كل المدارس الفلسفية اليونانية.
وبذلك نجد ان حركة الترجمة قد شملت لغات متنوعة واحتوت علوما شتى بحيث لا نجد ميدانا او علما إلا و حظي باهتمام المترجمين وعن طريق تلك الترجمات تمكن فلاسفه العرب والمسلمين من التعرف على ما خطه فلاسفه اليونان وغيرهم من الكتب فى مختلف العلوم سواء كتب فلسفيه ورياضيه وطبيعية حتى الفنون.
أشهر المترجمين من اليونانية للعربية
ما كانت حركة الترجمة من اليونانية للعربية لتنجح وتزدهر بهذا الشكل لولا مجموعة من أمهر النقلة والمترجمين الذين لجأ إليهم الأمراء والخلفاء ليقوموا بعملية الترجمة وكان هؤلاء المترجمين يدينون بالنصرانية وكانت لغتهم الأصلية اللغه السريانية، وقد أدت معرفتهم للغة اليونانية إلى نقل وترجمة كل الكتب اليونانية والفارسية إلى العربية.وكان الخلفاء وخاصة فى عصر إزدهار حركة الترجمة، كانوا يغدقون على المترجمين من الأموال والهدايا والعطايا الثمينة ويثنون عليهم باستمرار ويقربوهم من مجالسهم الخاصة حتى يجتهدوا فى عملية الترجمة ويعد هذا من أهم عوامل إزدهار الترجمة حتى تم للخلفاء ما ارادوا من نقل كل علوم وفلسفات حضارة اليونان القديمة.
ومن أشهر هؤلاء المترجمين:
يوحنا أو يحيى البطريق وعبد المسيح ابن ناعمة الحمصي و قسطا بن لوقا البعلبكي وحنين بن اسحاق واسحاق بن حنين وحبش بن الحسن وأبو بشر متى بن يونس وأبو زكريا يحيى بن عدي المنطقي وأبو علي عيسى بن اسحاق بن زرعة.
إلا أن المصادر تشير إلى أن حنين ابن إسحق هو الأشهر من بين هؤلاء المترجمين على الإطلاق، وفى حين اقتصر عمل هؤلاء المترجمين على عملية النقل والترجمة فقط، نجد أن القليل منهم قد قام بتأليف بعض النصوص القصيرة الخاصة به مثل قسطا بن لوقا وضع رسالة قصيرة فى الفرق بين النفس والعقل.
تأثير حركة الترجمة على الفلسفة الإسلامية
بعد ما عرضنا من تطور حركة الترجمة من اليونانية إلى العربية لابد أن نوضح تأثير حركة الترجمة على الفلسفة الإسلامية، حيث تمكن الفلاسفة المسلمون نتيجة حركة الترجمة للكتب اليونانية من الإطلاع على على كل المعارف والفكر الفلسفي اليوناني.ونتيجة لهذا الإطلاع نجد أن الفلاسفة المسلمين مثل الفارابي وابن سينا وابن رشد قد تاثرت آراءهم الفلسفية والفكرية بالفلسفة والفكر اليوناني والمنطق اليوناني وقد جاء ذلك باعترافهم.
تعرف فلاسفة المسلمين على آراء وفلسفة الطبيعيين الأوائل أو ما نطلق عليه المدرسة الأيونية، كما تبحروا فى المدرسة الفلسفية الإيلية وعرفوا آراء وفكر فلاسفتها، وكذلك آراء الفيثاغوريين وفلاسفة السوفسطائيين والفيلسوف سقراط وافلاطون الذى أطلقوا عليه الشيخ اليوناني أو الفيلسوف الإلهى.
إهتم الفيلسوف ابن رشد بفلسفة أرسطو ووضع لها الشروح العظيمة حتى أطلق عليه الغرب فى أوروبا الشارح الكبير، ونتيجة لتعمقه وتأثره بفلسفة أرسطو قام بوضع كتاب تهافت التهافت ينتقد فيه كتاب تهافت الفلاسفة للغزالى، وكان لتلك المناظرة أهمية كبرى فى الفكر الفلسفي العربي والإسلامي.
وختاما فقد تناولنا فى تلك المقالة تاريخ حركة الترجمة من اليونانية إلى العربية منذ البداية وحتى التطور والإزدهار والآثار الذى انعكس على الفكر الفلسفي العربي والإسلامي. وإن أعجبتك المقالة حدثني عن أهم ما أعجبك فى مقالتنا وما هو الجزء من المقالة الذى أضاف لك معلومة جديدة.
من فضلك اكتب تعليق عن الموضوع