نتيجة الثانوية العامة هل تستحق كل ما يترتب عليها من أحداث وخزعبلات؟!
فى هذه الساعات المقبلة تنتظر معظم الأسر المصرية حدث هام وهو ظهور نتيجة الثانوية العامة حيث يكتمون الأنفاس فى ترقب متمتمين فى صلواتهم وخلواتهم بالدعاء والتوفيق للطلاب والحصول على أعلى الدرجات التي ينشدها كل طالب ويتمناها له أهله ومحبوه.وكل هؤلاء على تلك الحالة من الترقب والحذر والدعاء والتمتمات لأن عقولهم جبلا على أن غاية الثانوية العامة هى الحصول على أعلى الدرجات وحسب، وخاصة وإن كان الهدف هو الحصول على درجات تؤهل الطالب للوصول إلى كلية من كليات القمة مثل الطب والهندسة.
الثانوية العامة أكذوبة من الآلام والأفراح
فإذا ما حصد الطالب الدرجات العلى فهو الفرح والسرور الذى يعم كل أرجاء المنزل وقد يصل إلى الشارع والحارة ويتبع من مظاهر الإحتفال ما نراه من توزيع للحلوى والشربات وانطلاق الزغاريد من المنزل ليعلم كل فرد أن من هذه الدار سيكون طبيبا أو مهندسا.والعكس تماما والعاقبة على الطالب الذى لا يتحصل إلا على درجات ضعيفة أو متوسطة، حيث تجد فى هذا المنزل وفى تلك الدار تقام مناحة وسرادق للعزاء يأتي إله كل مشيع لمستقبل هذا الولد أو الطالب الذى أصبح مغبونا بين اهله وذويه وجيرانه بسبب درجاته السيئة فى نفس الحين قد يرى فيه زميل له يرفع على الرؤوس وتقام له الافراح فقط لأنه حصد الدرجات العالية أو النهائية.
وقد يزداد التقريع والتانيب من الوالدين تجاه ابنهم حتى تسوء الحالة النفسية للطالب مما قد يدفعه إلى محاولات من الإنتحار،وقد لمسنا جميعا تلك الظاهرة عند كل ظهور النتيجة الثانوية العامة.
فهل تستحق الثانوية العامة فعلا كل هذا الإهتمام؟!وهل حقا تعتبر الثانوية العامة أفضل وسيلة للحكم على الطالب بالفشل أو النجاح؟! وفى تلك المقالة سوف نقدم إجابات شافية على تلك الأسئلة من خلال عرض لبعض من وجهات النظر الخاصة بنا و التى اقتنعت بها مؤخرا حول هذا الموضوع و التى نعتبرها من الحقائق التي يجب أن يعيها كل طالب ويجب أن يعرفها ويلمسها كل ولى أمر .
الحصول على درجات عالية ليست مقياسا للنجاح
يشيع فى بلدنا الحبيبة مصر دونا عن غيرها من بلدان العالم وحتى البلاد العربية أن الحصول على أعلى الدرجات فى نتيجة الثانوية العامة هو المقياس النهائي بل والأوحد الذى يمكن من خلاله تقييم مستوى الطالب وتحقيق النجاح فى الحياة المستقبلية والمهنية ولكن الحقيقة غير ذلك تماما.فقد تجد طالبا قد حقق وحصد الدرجات العالية والتحق بكلية من كليات القمة وحصل على درجة الدكتوراه إلا أنه على الجانب الآخر قد تجده لا يفقه شيئا البته فى كيفية التعامل مع الغير او تجده لا يستطيع التفكير فى حل مشكلة ما تعرض لها وقد يفتقر إلى إدارة أبسط المواقف والحوارت والقضايا التى تعرض عليه، أو تلحظ أنه لا يمتلك أبسط الأدوات للمشاركة فى حوارات حول السياسة والفكر والقضايا المجتمعيه.
ونحن هنا بالطبع لا نقبل التعميم على الجميع بل نقول أنه يوجد من هؤلاء البعض الذين لا يتمكنون رغم حصولهم على شهادات القمة من النجاح فى بعض الأمور التى لا تستعصى على أبسط الأشخاص من ذوى التعليم البسيط أو المتوسط، فهل نعتبر ذلك نجاحا أم هو فى الحقيقة نوعا من الفشل لأن هؤلاء بحكم درجاتهم العالية سخروا حياتهم للدراسة دون الخوض فى معترك الحياة.
شهادة الثانوية العامة لا قيمة لها فى عصر التكنولوجيا
فى السنوات الماضية كان النجاح بالفعل مرهونا بالحصول على الدرجات العالية التى تؤهل الطالب الإلتحاق بكليات القمة،لان مفهوم النجاح عند الجمع الغفير من الناس هو تحصيل الدرجات وكان ذلك حقيقة قبل هذا التغير الهائل الذى نجده اليوم فى التكنولوجيا وكل مناحي الحياة.أما اليوم وبعد التطور الهائل فى التكنولوجيا ودخول عصر الإنترنت والذكاء الإصطناعي من أوسع أبوابه، فقد أصبح فى مقدور كل فرد أن يحقق النجاح لنفسه فى مجالات متعدده ويشعر بتقدير ذاته،حتى أننا قد نرى الحاصل على درجة الدكتوراه يعمل موظفا فى أحد الشركات التى يمتلكها شخص ليس لديه شهادة الثانوية بالأساس.
كما تلاحظ أن هناك عددا ليس بالقليل من حاملي شهادة الماجستير والدكتوراه يتركون وظيفتهم ويتجهوا للعمل الخاص الذى اكتسبوه من خلال العمل على الإنترنت،ليس لشيء إلا لأنهم وجدوا فيه تحقيقا لذواتهم.
آيها الآباء إن الفشل فى الثانوية العامة ليس نهاية الطريق
يتمنى الآباء جميعهم أن يروا أولادهم بصورة أفضل من التى هم عليها ولكي يتحقق لهم تلك الأماني لا يؤخرون جهدا أو إنفاقا على أبنائهم وخاصة فى مرحلة الثانوية العامة، وما إن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن يقيمون الدنيا على أبنائهم وكأن الدنيا قد انتهت وقامت قيامتها ويجثم على صدورهم طائر الفشل .آيها الآباء الأعزاء اعلموا جيدا أنه من لم يفشل لا يعرف طعما للنجاح ومن لم يحزن لا يتذوق طعم الفرح والسرور وأن طريق النجاح لا يخلو من عقبات وعثرات وأن ما ترونه الآن من فشل قد يكون فى المستقبل هو عين النجاح والتفوق.
آيها الآباء هناك الكثير والكثير من النماذج فى مجتمنا ظنوا وشعروا بالفشل والإحباط بعد الفشل فى الثانوية العامة لكنهم بعد ذلك أصبحوا علامة فارقة فى مجتمعهم ومن المؤثرين فيه.
درجة الماجستير و الدكتوراه أصبحت متاحة أونلاين
أصبحت درجة الماجستير والدكتوراه متاحة فى كل المجالات لكل الراغبين فى الحصول عليها ومن أفضل الجامعات على مستوى العالم ويمكنك الحصول عليها وانت جالس فى منزلك، وليس ذلك وحسب بل يمكنك التسجيل فيها وانت فى عمر الثلاثين أو الأربعين أو حتى السبعين أي غير مشروطة بعمر معين، لقد تغير الزمان يا سادة ويستوجب علينا أن نغير طريقة تفكيرنا ونعمل على إزاحة شبح وبعبع الثانوية العامة من الصدور والعقول.آيها الآباء اعطوني اسما لشخص واحد فقط كان من أوائل الثانوية العامة على مدار الأعوام السابقة أو حاصل على درجة عالية ثم أصبح وزيرا فى إحدى الوزارات..فلن تستطيعوا!! أما أنا يمكنني أن أذكر لك اسم وزير قد حصل على الدكتوراه أونلاين بأبسط الوسائل، وفى أقل مدة زمنية.
لقد آن الأوان أن نغير تلك المفاهيم البالية التى لم تعد تصلح لهذا الزمان
النجاح والتفوق وتقدير الذات ليس مصدره حفنة من الدرجات
حتى لا يظن أحد او يفهم من فحوى تلك المقالة أننا ضد الطموح والتفوق والرغبة فى الوصول لأعلى الدرجات، بل على النقيض تماما فنحن نثمن ذلك جدا بل إننا من دعاة الوصول لأعلى المراقي والدرجات.
ولكننا أردنا من خلال تلك المقالة أن نسلط الضوء على أنه لا يمكن فى ظل هذا التطور وتوافر كل وسائل النجاح أن ندع حفنة من الدرجات تتحكم فى رسم طريقنا وتقديرنا لأنفسنا وذواتنا، بل علينا أن نعلم جيدا ونعلم الآباء والطلاب أن تقدير الذات والنجاح ينبع من داخلنا بتحقيق الهدف الذى نريد الوصول له فى أى مجال أو أى علم والمثابرة والجهد والإلتزام بكل الوسائل المتاحة لدينا وفى أى وقت نريده.
نحن فى عصر التكنولوجيا والذى يمكن أن نحدد فيه قيمة الفرد بما يمتلكه من مهارات وما يستطيع أن يقدمه من خدمات، ولكي تفهم ما أقوله جيدا عزيزي ولى الأمر سوف أدعوك للتفاكر معي وقارن بين شاب حاصل على دبلوم فني ولكنه اكتسب مهارة تكنولوجية ما جعلته يكسب دخلا بالدولار بينما أحد أقربائه طبيبا يعمل فى أحد المستشفيات الحكومية ولا يتعدى راتبه الخمسة آلاف جنيه، والسؤال الذى يطرح نفسه الآن أيهما سوف يكون تقديره لذاته أرفع من الآخر؟!
وختاما فقد تناولنا فى تلك المقالة خمسة حقائق صادمة عن الثانوية العامة وسلطنا الضوء على كل حقيقة على حده حول الثانوية العامة، وفى الختام أدعوا لكل طلابنا فى الثانوية العامة بالتوفيق وتحصيل أعلى الدرجات وتحقيق كل ما تصبو إليه أنفسهم من مجد ورفعة.
من فضلك اكتب تعليق عن الموضوع